جاء خجلاً إلي أمه عمره لا يزيد عن ١٤ عاماً كانت درجاته الدراسية قد تراجعت في ذلك الشهر لكنه لم يكن يريد أن يخفي ذلك عن والديه فقد تعود معهما علي الصراحة والوضوح.
قال لأمه والضيق مرتسم علي وجهه: أمي لا تزعلي مني علاماتي في الفصل الثاني أضعف من الفصل الأول ومد يده بشهادته بأخذتها والدته وبدأت تقرؤها بدا الضيق والعتاب واضحاً علي ملامحها . كان من الممكن أن تعاقب هذه الأم ابنها بأن تحرمه من أي شيء يحبه لفترة من الوقت حتي يشعر بتقصيره أو تثور في وجهة غاضبة لكنها فضلت أسلوبا تربوياً آخر كانت نتائجه رائعة تري ما هو هذا الأسلوب؟
رفعت الأم رأسها وقالت لأبنها : اجلس بجانبي لنتحدث
جلس الابن مع أمه متهيباً ينتظر لا يدري كيف ستواجه والدته تقصيره الدراسي لكنه فوجئ بها تحدث بلطف وحب وحزم قالت له : تأخر درجاتك الدراسية هذا الشهر لا يرضيني ولا يرضي والدك لأننا نعلم بأنك تستطيع أن تحصل علي علامات افضل مثلما كنت تفعل من قبل.
وصمتت قليلاً لتتابع حديثها: أنت تعلم أن بإمكاني عقابك أن أمنعك مثلاً من مشاهدة الأفلام التي تحبها أو زيارة اصدقائك أو ممارسة أي هواية تميل اليها لفترة من الوقت حتي اشعرك بتقصيرك الدراسي لكنني لن افعل ذلك أتدري لماذا؟
سألها ابنها: لماذا؟
قالت الأم: لأنني لا اريدك أن تؤدي واجباتك الدراسية وأنت غير مقتنع إن نجاحك في الحياة مستقبلاً يعتمد أساسا علي إحساسك بالمسئولية نحو دراستك الآن كواجب تؤديه علي افضل وجه وفي وقته المحدد إن تعودك علي أداء واجباتك الدراسية بشكل منتظم وبإخلاص سينمو معك وسيؤدي بك إلي النجاح في حياتك العملية فيما بعد أنت تعلم أني أحبك كثيراً وكذلك والدك وأننا نريد لك النجاح والسعادة في الحياة .
وبعد أن انتهت من حديثها صمته قائلة بحنان وحب صادق: أنت ابن ناضج وأفضل من أولاد كثيرين في مثل سنك يكفي أنك تؤدي واجباتك الدراسية اليومية وحدك دون دفع مني أي من والدك ربما افتقدت التركيز في الدراسة هذه المرة لأنني لاحظت أنك تضع موسيقي عالية الصوت اثناء دراستك لابد أن يكون هناك سبب وسوف تتجنبه في المستقبل وستحصل علي علامات أفضل .
ثم ربتت أمه علي شعره بحب وقالت له: أنا واثقة أنك ستفي بوعدك كعادتك.
وكانت هذه الجلسة الهادئة المشبعة بالحب والحنان والحزم بين الأم وولدها قد تركت تأثيراً واحساساً بالمسئولية في نفس الابن نحو أدائه لواجباته الدراسية افضل من العتاب الصارم فقد ذهب الابن إلي غرفته واستغرق في دراسته بعد أن اسكت صوت الموسيقي العالية وبعدها بأيام بدأت الأم تلاحظ ارتفاع درجات ولدها الدراسية .